دعم الحكومة الخليجية للتحول الرقمي: رافعة كبرى للتجارة الإلكترونية
لا يمكن الحديث عن صعود التجارة الإلكترونية في الخليج دون التوقف عند الدور المحوري الذي تلعبه الحكومات الخليجية في دفع عجلة التحول الرقمي. فالدعم الحكومي لم يكن مجرد تصاريح أو قوانين، بل أصبح إطارًا استراتيجيًا متكاملاً يهدف إلى بناء اقتصاد رقمي متقدم، يشكّل فيه قطاع التجارة الإلكترونية أحد أعمدته الأساسية. في السعودية، أطلقت الحكومة “رؤية…
لا يمكن الحديث عن صعود التجارة الإلكترونية في الخليج دون التوقف عند الدور المحوري الذي تلعبه الحكومات الخليجية في دفع عجلة التحول الرقمي. فالدعم الحكومي لم يكن مجرد تصاريح أو قوانين، بل أصبح إطارًا استراتيجيًا متكاملاً يهدف إلى بناء اقتصاد رقمي متقدم، يشكّل فيه قطاع التجارة الإلكترونية أحد أعمدته الأساسية.
في السعودية، أطلقت الحكومة “رؤية 2030” التي أولت التحول الرقمي أولوية قصوى، من خلال مبادرات مثل “التحول الوطني” و”هيئة التجارة الإلكترونية”، إلى جانب استثمارات ضخمة في البنية التحتية للإنترنت، والتوسع في تغطية المدن بشبكات الجيل الخامس. كما تم تسهيل تسجيل المتاجر الإلكترونية عبر منصة “معروف”، مما شجع آلاف الشباب على دخول المجال التجاري الرقمي بسهولة ويسر.
أما في الإمارات، فقد أصبحت دبي نموذجًا عالميًا في التحول الرقمي، بفضل مبادرات مثل “دبي الذكية” و”الاقتصاد الرقمي”، والتي تهدف إلى تحويل جميع الخدمات إلى رقمية بالكامل. كما أنشأت الدولة هيئات متخصصة لدعم رواد الأعمال، وقدّمت حاضنات أعمال ومسرّعات خاصة بالتجارة الإلكترونية، إلى جانب تشريعات حديثة تحمي المستهلك وتنظّم العلاقة بين البائع والمشتري.
في سلطنة عُمان، تعمل الحكومة على تسريع وتيرة الرقمنة من خلال “رؤية عُمان 2040″، التي تضع التحول الرقمي ضمن أولوياتها الاقتصادية. وتم إطلاق بوابة “استثمر بسهولة” لتسهيل تسجيل الشركات الرقمية، كما أن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات تعمل على تمكين البنية التحتية الرقمية وتطوير الكفاءات المحلية في مجال التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية.
ولم يتوقف الدعم عند البنية التحتية، بل شمل أيضًا التدريب والتأهيل. العديد من الجهات الحكومية نظّمت برامج ودورات تعليمية مجانية أو مدعومة لرواد الأعمال، لمساعدتهم على فهم أدوات التسويق الرقمي، إنشاء المتاجر الإلكترونية، وإدارة عمليات الشحن والدفع.
الدعم الحكومي شمل كذلك جوانب تمويلية، حيث تم إنشاء صناديق استثمارية لتمويل الشركات الناشئة في المجال الرقمي، وتوفير قروض ميسّرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي ترغب بالتحول الإلكتروني. كما سهلت الأنظمة المصرفية إجراءات الدفع والتحويل، مما جعل تجربة البيع والشراء أكثر أمانًا وموثوقية.
ومع هذا الزخم الحكومي، لم تعد التجارة الإلكترونية مجرد خيار، بل أصبحت ركيزة من ركائز التنمية الاقتصادية الحديثة. فالدول التي تستثمر في التحول الرقمي تفتح الباب أمام فرص عمل جديدة، وتدعم الابتكار، وتضمن استدامة النمو في عالم يشهد تغيرًا سريعًا في سلوك المستهلك.
في المحصلة، يمكن القول إن دعم الحكومات الخليجية للتحول الرقمي ليس مجرد محفّز، بل هو حجر الأساس الذي بُنيت عليه الطفرة الحالية في التجارة الإلكترونية، والتي لا تزال في بدايتها فقط.